كشفت مؤسسة أبحاث بحرية بريطانية، عن سفينة جديدة ذاتية قيادة، من المقرر أن تنطلق يوم السادس من أيلول عام 2020 في رحلة من ميناء بلايموث الإنجليزي قاصدة مدينة بلايموث الأميركية، مشيرة إلى أنه في اليوم نفسه من عام 1620، أبحرت سفينة تدعى «ماي فلاور» من ميناء بلايموث إلى ما كان يعرف وقتها بالعالم الجديد أو أميركا حالياً، حاملة على متنها 102 راكب.
وذكرت مؤسسة «برو مير»، غير الهادفة للربح، أنها قررت مع شركائها في المشروع الجديد، أن تكون الرحلة الأولى للسفينة ذاتية القيادة التي تحمل الاسم نفسه «ماي فلاور»، موافقة الذكرى السنوية الـ400 لرحلة السفينة الأولى، موضحة أن السفينة الجديدة ستكون خالية من البشر تماماً، وإنما تم تزويدها بتقنيات حديثة ومعقدة، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والتعلم العميق، والحوسبة السحابية، وحوسبة الحافة، إضافة إلى الحاسبات الخادمة، والمستشعرات، وأنظمة الملاحة البحرية المتقدمة، لتقود نفسها عبر المحيط الاطلسي، وتصل إلى وجهتها بنفسها من دون بشر.
وأفادت «برو مير»، بأنها تقوم على تنفيذ المشروع مع جامعة بلايموث البريطانية المتخصصة في مجال أبحاث القمامة البحرية، وجامعة برمنغهام التي لديها فريق رائد في تطوير واستيعاب الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط، وتقنيات التحكم عن بعد، فضلاً عن شركة «آي بي إم» لتقنية المعلومات.
وفقاً لما نشرته «برو مير» على موقعها، أخيراً، سترصد «ماي فلاور» خلال رحلتها المرتقبة الثدييات البحرية، إضافة إلى رسم حائط مستوى سطح البحر، ورصد ظاهرة تلوث المحيطات بالمواد البلاستيكية وبقاياها، في ما بات يعرف لدى العلماء بـ«بلاستيك المحيطات».
وستكون البيانات المتوافرة من السفينة مادة خصبة لفريق جامعة برمنغهام الذي سيستخدم تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع المختلط الموجودة بالسفينة، لبناء منصة علمية قائمة على هذه التقنيات، يستفيد منها طلاب المدارس والجامعات والباحثين حول العالم، والتي ستتيح لهم رحلة تخيلية أقرب للواقعية عبر الأطلسي بأسراره المختلفة.
ومن مهام «ماي فلاور» أيضاً أن تقدم نموذجاً عملياً في نظم تصميم السفن التي لا يكون محورها البشر، أو بعبارة أخرى التصميمات التي تقدم سفناً لا حاجة فيها للمطابخ والحمامات وغرف النوم وخلافه مما يحتاجه البشر، بل فقط جسم به مساحات للشحن، ومساحات لأجهزة الإدارة والتحكم.
ولذلك فإن جسم «ماي فلاور» وتصميمها موضوع في شكل فائق الانسيابية، ثلاثي الأبعاد، على هيئة الرافعة التي كان تستخدمها شخصية «رافائيلو» في أفلام سلاحف النينجا.
وبحسب «برو مير»، فإن التصميم الجديد للسفينة غير المأهولة يعد «دراسة في التقليل»، أي بناء سفينة بكلفة ربما تقل بنحو تسعة أعشار كلفة السفينة التي يتعين أن تضمن الحياة والرفاهية لمن على متنها من البشر، الأمر الذي سيؤدي لانخفاض تكاليف بناء وتشغيل السفينة، وكذلك حمولتها وسرعتها.
ويعد هذا هو المحور الأهم على الإطلاق في المشروع، لأنه ليس من السهل الدفع بسفينة من ميناء إنجليزي، إلى عرض المحيط لتقود نفسها حتى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ومن هنا تأتي أهمية طرف قوي في عالم التقنية، بإمكانه الاضطلاع بمهام القيادة الذاتية على متن السفينة، وهو ما ستقوم به شركة «آي بي إم».
ووفقاً للتفاصيل الخاصة بمشاركة «آي بي إم» في المشروع، فإن «ماي فلاور» ستستخدم تقنيات مشابهة للتقنيات العاملة بالسيارات ذاتية القيادة، التي تتضمن نظم الرؤية بالحاسب، وأنظمة الرادار وأنظمة «الليدار»، جنباً إلى جنب مع نظم معلومات الملاحة البحرية، مثل نظام التعرف الآلي المدرب على اكتشاف المخاطر مثل الاشياء العائمة والحطام والسفن الأخرى والشعب المرجانية والصخور البحرية، ومن خلال الجمع بين هذه البيانات والخرائط البحرية ومعلومات الطقس، تقوم «ماي فلاور» برسم المسار الأمثل الخاص عبر المحيط.
وفي حالة تحديد شيء يتعين تجنبه، فإن برنامج «أو دي إم» أو «إدارة القرارات التشغيلية» الخاص بـ«آي بي إم»، سيغير المسار، أو حتى سحب الطاقة من مولد النسخ الاحتياطي للسرعة بعيداً عن الخطر، حيث سيتم دمجه مع نظام طورته «آي بي إم» تحت اسم «باور إيه آي فيجن»، وهو عبارة عن تقنية لمعالجة البيانات تمزج بين أنظمة الرؤية بالحاسب وأنظمة التعلم العميق لتحديد وتتبع الكائنات الثابتة والمتحركة.
وتم تدريب هذا النظام على مدار عامين، ليرصد ويتعامل مع الأنواع المختلفة من العوائق التي قد تواجهها مركبة أو سفينة ذاتية القيادة، إذ إن أي شيء صلب يظهر في مسار السفينة، سيؤدي إلى رد فعل من أحد أجهزة الاستشعار.
قال أحد كبار المسؤولين في شركة «آي بي إم» عن مشروع السفينة ذاتية القيادة «ماي فلاور»، ستانفورد كلارك، إن نظام القيادة الذاتية في السفينة سيتغلب على العقبات، وسيتابع المهمة الكلية، موضحاً أنه من خلال دمج البيانات من الخرائط الملاحية وأجهزة الاستشعار والتنبؤات الجوية، ستتمكن «ماي فلاور» من تحديد المسار والسرعة المثلى اللذين ينبغي أن تأخذهما عبر المحيط الأطلسي.
وأضاف كلارك أنه أثناء الرحلة، ستقوم الأجهزة المتطورة بجمع وتحليل بيانات السفينة وتخزينها محلياً على الحاسبات الخادمة والأجهزة العاملة بتقنيات «حوسبة الحافة».