تختلف إطلاقات النّاس على إفراط استخدام الهواتف الذكية؛ بينما يرى البعض أنّه إدمان، فإن جوناثان كاي -الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة Apptopia المختصة في تحليل التطبيقات- يطلق على هذه الظاهرة “نزوح الوقت” معللا أن النّاس أزاحوا الوقت الذي كانوا يقضونه في مشاهدة البرامج التلفزيونية لقضائه على هواتفهم.
لكن تفضيل قضاء أوقات الفراغ أمام شاشات الهواتف الذكية بدلا من المنصات الأخرى يرجع إلى أسباب؛ أولها أنّ الهواتف مليئة بمحتوى أنت تختاره بدلا من محتوى اُختير لك كالبرامج التلفزيونية، وثانيها أنّ مطوري تطبيقات الهواتف الذكية يعمدون استخدام تكتيكات معينة لجذب انتباهك إليها، فلن ينتظروك حتى تتفرغ لتطبيقاتهم.
وبالفعل قد برهنت يعض هذه التكتيكات على جذبها للمستخدمين؛ ومن التكتيكات ما لا يقدم ميزة سوى التلاعب بسلوك المستخدم (يمكن أن تسميها: حيل ملتوية)، بينما البعض الآخر يقدم ميزة مفيدة ترفع قيمة المنتج، وكلاهم يشتركون في مهمة جذب انتبهاك.
وفي هذا المقال نرصد لكم بعض التكتيكات المستخدمة عبر التطبيقات الشائعة:
فيسبوك: حساب لكل المنصات
أحد الأشياء التي تميز فيسبوك عن أي منصة إجتماعية أخرى، هي إمكانية التسجيل بواسطة حساب فيسبوك ضمن شريحة واسعة من التطبيقات بدلا من إنشاء حساب مخصص، ما يشعرك بأهمية حساب فيسبوك.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح فيسبوك يدعم الذكريات، عبر عرض تنبيه يومي للمنشورات التي قمت بنشرها في مثل اليوم عبر السنوات الماضية، كما يبقيك فيسبوك على اطلاع بذكرى إنشاء صداقة ومناسبات أعياد ميلاد الأصدقاء ليصبح بذلك طريقة فعالة لتعقب حياتك الإجتماعية.
إنستقرام: دفع الإشعارات – القصص في كل مكان
في الوضع الافتراضي للإعدادات يفرض إنستقرام الإشعارات اللحظية لكل ما يحدث على المنصة ويمكن الإشعار به؛ الإخبار بأن صديقا نشر قصته الأولى، أو أن صديق فيسبوك انضم للإنستقرام، أو أنّ أحداً من الذين تتابعهم يبث فيديو حيّ، إلخ. وطالما لم تتعمق في قائمة الإعدادات فلن تستطيع تخصيص الإشعارات.
بعض الطرق الأخرى لجذب انتباهك على منصة مشاركة الصور، هي قصص إنستقرام التي تفوقت على قصص سنابشات في غضون عام من إطلاقها؛ بسبب خيارات تخصيص الفلاتر والرسومات الكرتونية والملصقات حسب موقعك ودرجة الحرارة، وبسبب التحفيز الدائم لمشاهدة القصص؛ عندما تفتح التطبيق تراها بالجزء العلوي، وتظهر ضمن تصفح المنشورات كما في الصورة، وعندما تُنهي مشاهدة قصة تُنقل آليا للقصة التالية خلال جزء من الثانية.
تويتر: علم النفس في دائرة التحميل
هل تعلم ما الذي يدفع النّاس للمقامرة واستخدام آلات سلوت (ماكينة الحظ)؟ بجانب احتمال الفوز بمبلغ كبير مقابل بذل قليل، فإنّه وعند نقطة ما، لا يوجد نمط معين لإظهار النتائج التي تراها وبالتالي فإنّ احتمال الفوز والخسارة قائمين عند كل محاولة، كذلك بتطبيق تويتر، عندما تسحب للأسفل وتظهر دائرة التحميل التي تدل أن هناك تغريدات قادمة، وتأمل أن يظهر لك ما يشوقك وقد يصل أحيانا وقد لا يصل أحيانا أخرى، ثم تعاود الكرة وتسحب لأسفل راغبا في رؤية ما يشوقك.
وعندما تفتح تويتر كذلك، سترى الشاشة الزرقاء ثم يتأخر ظهور الطائر الأبيض للحظات، فقد تظن أن هذا يعزو إلى إصدار التطبيق أو وجود تزاحم على التطبيق أو بطء الهاتف، لكن هذه خطوة متعمدة من تويتر وتحدث كل مرة، بهدف تأخير فتح التطبيق إلى حين انتقاء التغريدات التي يتم عرضها إليك. هذه الحيلة يستخدمها فيسبوك وإنستقرام والعديد من المنصات أيضًا.
سنابشات: أيقونة التميّز
تُعبّر أيقونة النّار بجانب اسم بروفايل سنابشات عن عدد الأيام التي قضاها المستخدم تواليا على المنصة، وتعد مصدر تفاخر بين مجتمع سنابشات رغم أنّه لا يقابلها مكافئة، أي أن الحافز الذي يدفع المستخدمين إلى زيارة سنابشات بشكل يومي قد يكون الخوف من فوات الفرصة المتمثلة في تعزيز الرقم الذي أحرزوه وخسارته.
وإلى جانب ذلك، فإن سنابشات كان أول من تبنى ميزة القصص وفلاتر الوجه. ومؤخرًا علمنا أن سنابشات سيأتي بفلترات Bitmoji، وهي عبارة عن إحلال صورة وجهك الكرتونية على جسد يرقص أو يطبخ أو يركب لوح تزلج.
تطبيق Duolingo: الخوف من فوات الفرصة
تأثير “FOMO” (الخوف من فوات الفرصة) مشهور في علم النفس، ويستعين به تطبيق Duolingo -الأشهر لتعليم اللغات-؛ فعندما تفتحه لأولّ مرة يسألك عن اللغة التي تريد دراستها ثم يسألك عن هدفك الشخصي في اليوم، هل هو نقطة واحدة أم 10 نقاط أم 50 نقطة؟، ويوميا ينبهك التطبيق بمدى بُعدك عن تحقيق هدفك اليومي. وإن حققت أهدافك لأيام متتالية لم يتخللها تفويت جلسة فأنت تحصل على جوائز؛ أي بفتح التطبيق فقط تستطيع التغلب على الخوف من فوات فرصة تحقيق الجائزة.
لينكد إن – تبويبات بمفهوم المعاملة بالمثل
شبكة LinkedIn السادسة على ترتيب الشبكات الإجتماعية تستخدم أحد طرق علم النفس أيضاً، وهي المعاملة بالمثل، وشعورك بالالتزام نحو مجتمع المستخدمين، نرى ذلك عندما تستقبل طلب صداقة، فترى بأسفله لائحة أشخاص قد تعرفهم، وحينها “يتحول شعورك اللاوعي إلى شعور بالتزام اجتماعي يحسّه ملايين المستخدمين بينما تتربح الشركة من ورائهم” حسب وصف تريستان هاريس المصمم السابق لدى قوقل.
لعبة Two Dots: الألوان
إذا فتحت هاتفك الآن وقلبت بين التطبيقات بتركيز، غالبا ستجد تطبيقات لا علم لك بوجودها على هاتفك، هذا لأنك تألف هاتفك وتعتاد عليه فتنسى تطبيق أو اثنين، ولهذا السبب يقوم مطورو لعبة Two Dots الشهيرة بتغيير ألوان أيقونة التطبيق بشكل دوري لجذب الناظر إليها.
وحديثا أصبحت اللعبة تدعم دفع الإشعارات في أمريكا عند الساعة الثالثة صباحاً، لماذا؟ لأنّه في نفس التوقيت، هناك لعبة أخرى شهيرة اسمها HQ Trvia تقدم مسابقة ببث فيديو حيّ يحضره آلاف الأمريكيين عبر هواتفهم، لكن إن كنت متسابقا وجاوبت على أحد الأسئلة بصورة خاطئة في فترة الإجابة أو لم تجاوب، فأنت تخرج من المسابقة، لكن يمكنك البقاء على البث لمتابعة باقي المتسابقين، وحينها تستقبل إشعار لعبة Two Dots.
لعبة HQ Trivia: فرصة الفوز بالمال
كما سبق وأن ذكرنا، فلعبة HQ Trivia مشهورة في أمريكا جداً، حيث تقام مسابقة مرتين يوميا، يقوم المستضيف بطرح 12 سؤال، كل واحد تلو الآخر، متزامنا مع عرض السؤال داخل التطبيق متضمنا خيارات ثلاثة للإجابة، وفرصة 6 ثواني للإجابة على كل سؤال، وفي النهاية يقتسم الجائزة التي قد تصل إلى 15 ألف دولار المتسابقين المتبيقين من مئات آلاف المشاركين.
تطبيق Tinder: يقلب الحب إلى لعبة سطحية
تستفيد تطبيقات المواعدة عند الغرب، والتي أشهرها Tinder من تكتيك آلات سلوت الذي ذكرناه مسبقا، فيظل المستخدم يسحب إلى اليسار حتى يجد صورة من يعجبه ليسحب إلى اليمين، وهو ما قد يسبب إدمانا؛ لدرجة أن التطبيق أطلق اشتراكات خاصة “Plus” و”Gold” لمن يريد السحب أكثر عن عدد محدد يوميا، كما قد قارنت دراسة حديثة نشرتها صحيفة واشنطون بوست شعور مُدمني تطبيق Tinder بمُدمني المخدرات.
تطبيق Spotify: أنت عميل مميز
تطبيق Spotify يعرض الأغاني بطريقة فريدة. ويرحب بك يوميا بقائمة تشغيل تم إعدادها خصيصا لك، بناء على ميولك إلى بعض أنواع الأغاني دون أخرى، وهي طريقة تتبعها كافات خدمات الموسيقى المدفوعة.